--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقدمة :
لم يسبق لأمة من الأمم في تاريخ البشر أن تعتني بكتاب من الكتب قدر اعتناء هذه الأمة بالقرآن الكريم حفظاً ودراسة وتدويناً لكل ما له به صلة من قرب أو بعد مدى القرون من فجر الإسلام إلى اليوم وإلى ما شاء الله ، وقد صدق الله وعده في حفظه حيث قال: { إنَّا نحنُ نزَّلْنَا الذِّكرَ وإنَّا لهُ لحافظون }.
فأين سبق في تاريخ البشر أن تحفظ أمة كتاباً تستمر على حفظه على تعاقب القرون ، يستظهره الصغير والكبير ، والناشئ والكهل ، في المدن والأصقاع كلها ، بحيث لو سها تالٍ في كلمة منه أو حرف في أبعد المواطن عن العواصم يجد هناك من يرده إلى الصواب ويرشده إليه - سوى هذا القرآن الحكيم.
وقد حفظته الأمة يوم أن نزل ، واستمرت على استظهاره وحفظه مدى الدهر في الأقطار الإسلامية كلها ، وهذا أمر لا يشك فيه إلا من يشك في ضحى الشمس ، أو يتظاهر بالشك ، لحاجة في النفس في الحقائق الملموسة.
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غاية من الإهتمام بتحفيظ كل ما نزلَ من القرآن إثر نزوله ، يحضُّ الصحابة على تعلم القرآن وتعليمه وحفظه واستظهاره قائلاً لهم : ( خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه ) ، وما ورد في هذا الصدد من الأحاديث الصحيحة يُعدُّ بالعشرات.
ونزول القرآن نجوماً سهّل على الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أمر حفظه وتعرّف أحكامه ، وإليه يشير قوله تعالى : { وقرآناً فرقناهُ لِتقرأَهُ على الناسِ على مُكثٍ ونزّلنَاهُ تنزيلاً }.