quran2day
عزيزى الزائر/عزيزتى الزائرة يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى اسرة المنتدى

سنتشرف بتسجيلك

مع تحيات

ادارة المنتدى

Cool
quran2day
عزيزى الزائر/عزيزتى الزائرة يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى اسرة المنتدى

سنتشرف بتسجيلك

مع تحيات

ادارة المنتدى

Cool
quran2day
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات quran2day
 
الرئيسيةquran2dayأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الجزء الأول من كتاب النهاية بالإملاق في تاريخ بلاد الأتراك بعنوان (ظهور الأتراك العثمانيين وقيام دولتهم)

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمد بك
مشرف التاريخ



عدد المساهمات : 117
تاريخ التسجيل : 27/02/2010
العمر : 30

الجزء الأول من كتاب النهاية بالإملاق في تاريخ بلاد الأتراك بعنوان (ظهور الأتراك العثمانيين وقيام دولتهم) Empty
مُساهمةموضوع: الجزء الأول من كتاب النهاية بالإملاق في تاريخ بلاد الأتراك بعنوان (ظهور الأتراك العثمانيين وقيام دولتهم)   الجزء الأول من كتاب النهاية بالإملاق في تاريخ بلاد الأتراك بعنوان (ظهور الأتراك العثمانيين وقيام دولتهم) Emptyالأحد مارس 07, 2010 4:58 am

تحتل دراسة تاريخ الترك وضعاً خاصاً ، وذلك بسبب أن المصادر الأولي لهذا التاريخ لم تكتب بلغة الترك ،إذا أردنا أن نعرف تاريخ الترك (زمن بداوتهم) ، أي جهلهم للكتابة ، فنحن مضطرون إلي أن نقرأ حكايات جيرانهم ، أما إذا أردنا دراسة تاريخهم بعد ان فتحوا الممالك المتحضرة ، وبعد ان تحولوا هم أنفسهم من البداوة إلي الحضارة ، إذا أردنا هذا واجهتنا صعوبة أخري وهي أن الترك فذا العصر تأصروا بدراسة العناصر المغلوبة لهم ، أي أن الترك المقيمين في شرق آسيا وخاصة في منغوليا تأثروا بالحضارة الصينية ، وتأثروا أيضاً باللغات الأدبية لهذه العناصر ، أما الترك الذين هاجروا في الجزء الجنوبي في آسيا وآسيا الوسطي تأثروا بالحضارة الإسلامية فإنما أحوالهم أن تعرف من المصادر العربية أو من المصادر الفارسية بوجه خاص . ومن أهم المصادر التي تهم صاحب الدراسات التركية آثار أورخون التي اكتشفت في النصف الأخير من القرن التاسع عشر وتحوي هذه الآثار الكتابات الأولي للغة الترك ، فضلاً عن بعض الجوانب من تاريخهم الذي يشير إلي أنهم ظهروا في القرن السادس الميلادي . وتؤيد الكتابات الصينية والبيزنطية ما جاء في نقوش أورخون ، فقد وردت في المصادر الصينية كلمة (تو ــ كه ــ ئه) بمعني (الترك) وفي المصادر البيزنطية وردت كلمة توركوا ، التي قبلت علي أنها بمعني الترك دون أدني شك . وفي الواقع أنه ليس بين الدول التركية جميعها ما يمكن أن تستمد تاريخه من مصادر تركية محررة إلا تاريخ الدولة العثمانية ، ولكن لغة المؤرخين العثمانيين تحوي من الكلمات العربية والفارسية أكثر مما تضمن من الكلمات التركية ، وهي لذلك غير مفهومة لكثير من الأتراك.
ولا شك أن الأتراك الذين يتكلمون ما نسميه اليوم باللغة التركية كانوا موجودين منذ أكثر العصور ، ولكن من العبث أن نفرض كلمة ترك كانت موجودة قبل القرن السادس الميلادي ، وقد لاحظ العرب أن أقواماً كثيرة مما حاربوا في القرنين السابع والثامن من الميلاد كانت تتكلم نفس اللغة التي يتكلمها الأتراك ، فأطلقوا عليهم كلمة ترك . ويري الباحث الدنماركي طومسون أن كلمة ترك إسم لقبيلة مستقلة أو علي الأرجح إسم لأسرة حاكمة ومن المحتمل ان يكون المعني الأول لكلمة (ترك) هو البأس والقوة والإحكام .
وقد أطلق علي بلاد الترك إسم تركستان وهي كلمة فارسية تعني (بلاد الترك) . وأول ما نسمعه عن الترك أنهم أقاموا لأنفسهم في القرن السادس الميلادي دولة امتدت من حدود الصين شرقاً إلي حدود الدولتين البيونطية والفرسية غرباً . وقد انقسم الوطن التركي عندئذ إلي قسمين : قسم يقع وراء إقليم ما وراء النهر وهو الإقليم الواقع ما بين نهري سيحون وجيحون ويمتد حتي حدود الصين شرقاً وسهول روسيا شمالاً وقد ينبسط ليشمل حوض نهر والفولجا وبلاد القوقاز وقسم غربي يشمل الأراضي الزراعية الخصبة ما بين نهري سيحون وجيجون أي يشمل بلاد ما وراء النهر .
وتحوي كتابات الجغرافيين العرب التي ترجع للقرن العاشر الميلادي وصفاً مفصلاً للعالم الإسلامي ، وفيها كذلك معلومات عن الأماكن القليلة الآهلة بالترك والواقعة علي الطريق الذي يربط العالم الإسلامي بالصين ، ويوجد طبقاً لما تتصوره هذه المؤلفات ثلاثة أقوام من الترك في الأراضي الممتدة من بحر الخزر إلي حدود الصين وهؤلاء هم :
1) الغز وينتشرون في الأراضي الواقعة بين بحر الخزر إلي أراضي سيرداريا (سيحون).
2) القارلوق وينتشرون في الأراضي الممتدة عشرين يوماً شرقي فرغانة.
3) التغزغز أوطوقوغز (أوغوز) ويسكنون الأراضي الممتدة من بعد أراضي القالوق حتي حدود الصين
وفي القرن السادس الميلادي نجح خانات الترك في توحيد آسيا الوسطي بأجمعها تحت سيطرتهم ، وصار الأمل يحودهم في القضاء علي القوة التي اعترضت سبيل توسعهم غرباً ، وهي دولة الساسانيين (226 ــ 637 م) ولذلك سعوا للدخول في حلف مع البيزنطيين ضد العو المشترك المتمثل في الدولة الساسانية ، ولكن ضعف البيزنطيين عندئذ حال دونه لتنفيذ هذا المخطط.
وكانت الديانة الغالبة علي الترك وهي الديانة البوذية السائدة علي الدول الواقعة في شرق القارة الآسيوية ، ولكن احتكاكهم بالفرس أدي إلي تأثرهم بجوانب الحضارة الفارسية ، فتسربت إليهم العقيدة الزرادشتية .
ولكن ظلت هذه العقية محدودة الإنتشار بين الترك لعدم اهتمام أهلها بأمر الدعوة لها ، هذا بالإضافة إلي بعض الديانات الأخري التي وجدت منفذاً لها بين الترك ، ومن هذه الديانات المسيحية والمانوية وقد استهدفت الديانة المانوية التوفيق بين الديانات البوذية والمسيحية والزرادشتية ، مما جعلها تصادف قبولاً بين الترك في تلك المرحلة السابقة علي وصول الإسلام إليهم ، وقد شجع ذلك بعض المانويين للفرار بعقيدتهم من فارس إلي بلاد ما وراء النهر ، حيث توافر لهم قدرة حرية العبادة ، فعاشوا جنباً إلي جنب مع البوذيين والمسيحيين النساطرة ، هذا وإن ظلت الديانة الزرادشتية ديانة الطبقة الحاكمة في تلك الأصقاع حتي وصول الإسلام إليها .
وكان أن ظهر الإسلام في شبه جزية العرب في القرن السابع الميلادي، واستطاع الرسول صلي الله عليه وسلم أن يضع نواة الدولة العربية الإسلامية، ويوحد القبائل العربية بعد أم كانت متفرقة ومتنازعة ، ويجعل من العرب قوة هائلة.وبعد وفاة الرسول الكريم خرج العرب من شبه جزيتهم لنشر الإسلام في العالم المعروف وقتها ،وضربوا أروع الأمثلة في الفضائل والقدوة الحسنة ،ورفعوا راية التوحيد شعارها (لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله) ومعهم دستور إلهي محكم وهو القرآن الكريم . ولا شك أن حركة الفتوح الإسلامية علي حساب القوي الكبري المعاصرة وبخاصة دولتي الفرس (الساسان) والروم (بيزنطة) وانتشار القبائل العربية تبعاً لذلك شرقاً وغرباً ، وما ترتب علي ذلك من نتائج سياسية وحضارية ، كل ذلك كان له أثر في تغيير خريطة العالم .
وعلي أية حال ، بدات الفتوحات العربية في عهد أبو بكر الصديق ، باندفاع العرب في الأراضي البيزنطية والفارسية في آنٍ واحد ، ويهمنا هنا ان العرب بدأوا يوطدون نفوذهم في فارس حتي اتخذوا من خرسان في عام 22 هـ (643) م ثغراً إسلامياً يناوش الأتراك ويحاربهم ويشيع الفرقة بينهم ، لا يعطي الإمارات التركية المتنازعة فرصة التوحيد والتجمع ، والواقع أن الأتراك كانوا علي عكس الفرس ، فقد ثبتوا ولم تستطع قوات العرب أن تفتح بلادهم ، وكان العرب يلتزمون الدفاع طوال القرن الثامن ، وذلك بعد أن تم لهم فتح الأماكن المتحضرة في أحواض نهر سيحون وجيحون وزرفشان ، واتبع العرب سياسة من سبقهم ، فأقاموا الأسوار وحفروا الخنادق ، ليحافظوا علي البلاد المتحضرة .
ويتخذ بعض الباحثون من سنة 86 هـ (705 م) بداية الفتح الحقيقي لبلاد الترك. وكانت الدولة الإسلامية الأموية بدمشق قد خلصت من مشاكلها الداخلة خاصة ثورة عبد الله بن الزبير بن العوام . مما جعل الدولة تستأنف الفتوحات الإسلامية علي مقياس واسع ، شرقاً وغرباً . ويقترن فتح تركستان عادة باسم قتيبة بن مسلم الذي ولاه الحجاج بن يوسف الثفقي ولاية خرسان في فارس في عام 86 هـ ، فنجح في استعادة طخارستان ، كما استولي علي طالقان وبلخ في نفس العام ، ثم اجتاح اقليم بخاري ثم سمرقند في سنة 93 هـ وجاءت هذه الحركة التوسعية مصحوبة بانتشار الإسلام . إذ يذكر المؤرخين عندما دخلوا سمرقند أحرقوا ما بها من أصنام و بنوا بها مسجدا أقاموا فيه الصلاة .
أخذ الإسلام ينتشر حين بسطت الدولة الساسانية الفارسية نفوذها في أواسط آسيا (884 ــ 999 م) ففي القرنين التاسع والعاشر (820 ــ 1000 م) كانت الأماكن المتحضرة من تركستان بروسيا حالياً في قبضتهم ، وتسمي الولايات الواقعة بجانب نهر (أموداريا) سيحون باسم بلاد ما ورا النهر ، وكان سكانها يسمون في الفتوحات الإسلامية باسم الأتراك .
وتدل الوثائق علي أن المدارس التي كانت بخرسان وبما وراء النهر في القرن العاشر الميلادي ، لعبت الدور الأهم في نشر الإسلام ، وكانت هذه المدارس مستقلة عن تدبير الحكومات وسياستها . وفي ذلك الوقت كانت الدعوة للإسلام خارج حدود الخلافة العباسية أكثر نجاحاً في آسيا الوسطي منها في أي مكان آخر ، وذلك بفضل هذه المدارس .
وهنا نلاحظ أن الساسانيين عدلوا في خطة الدفاع التي كان يتبعها أمراء خرسان وما وراء نهر المعينون من قبل الخليفة. ونفضوا أيديهم من بناء الأسوار التي تقام لحماية الأقاليم من غارات البدو. وبدأ الساسانيون يغيرون علي مناطق الرعي فيما وراء الحدود ،وكانت غزواتهم تنتهي أحياناً بفتح المدن ،ففي سنة 280 هـ فتحوا مدينة طراز أوطالاس ،وحولوا الكنيسة الكبيرة في المدينة إلي مسجد ،مما يعني أن المسيحية كانت قد سبقت الإسلام إلي هناك.
وقد صحب هذا التوسع انتشار الإسلام بين الترك تيار نشاط كبير وهو النشاط التجاري لحرص المسلمين في تلك المستوطنات التي أقاموها في بلاد الترك علي مباشرة التجارة بين غرب القارة الاسيوية وشرقها عبر طرق التجارة المألوفة بين الشرق والغرب . ومن المعروف أن قوافل التجار الأفكار والأخبار والتيارات الفكرية والعقائد الروحية ، غلي جانب البضائع ، بمعني أن نشاط المسلمين التجاري في بلاد الترك ، حمل بين ثناياه تيار الإسلام وأركانه ومبادئه .
وفي خلال القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) أخذ فرع آخر من الترك وهم السلاجقة ، يتحركون صوب الأقاليم الإسلامية .والأتراك السلاجقة هم مجموعة من قبائل الأتراك الذين عرفوا بالأوغوز أو الغز وعزفهم المؤخون البيزنطيين باسم أوزوي ، ويشير الجغرافي الفارسي مؤلف كتاب (حدود العالم) في القرن العاشر الميلادي إلي أن قبائل الأوغوز أو الغز كانوا يعيشون مع قبائل القرغيز التركية في السهول الواقعة شمالي بحيرة بلكاش ، وهي المعروفة باسم منطقة التركستان . وفي النصف الأول من القرن الحادي عشر ، نري الغز مجموعة قبائل لا يربطها سوي رباط مفكك ، وتحارب بعضها بعض ، وفي الربع الثاني من هذا القرن هاجرت قبائل الغز إلي الغرب بحثاً عن اماكن أفضل ، فاتجهت جماعات منها إلي روسيا وإيران ، ويشير المؤرخون الروس إليهم لأول مرة حوالي سنة 1054 م ، ذلك لأن قبائل رعوية أخري دفعتهم للتحرك ، فانتشروا بعيداً حتي الدانوب الأدني وعبروه ن واجتاحوا البلقان ، حيث لقوا في النهاية هزيمة ساحقة علي يد القوات البيزنطية عام 1065 م ، أما الجماعات الخري أو الفرع الآخر من السلاجقة فقد اتجهوا اتجاهاً آخر ، وكان حظهم وافراً ، فقد غزوا فارس وآسيا الصغري . ومن العجيب أن هؤلاء الغز الذين لم يستطيعوا في أي وقت الوصول إلي الوحدة . فقد نجحوا في تأسيس أقوي الدول وأطولها عمراً ، ومن بينها تركيا الحالية .
وينتسب السلاجقة إلي جدهم سلجوق بمعني (القوس الحديدي) بن دقاق ، وهو الذي مع قبيلة القنق الغزبة تحت زعامته ، وكان لا يعرف لها إسم خاص تعرف به قبل توليه زعامتها ، فنسبت إليه وخضعت لحكمه ، وقبل سنة 985 م كان سلجوق بن دقاق قد انفصل مع جماعته من قبيلة الغز الضخمة ، وعسكر جنوب نهر سيرديارا الأدني (سيحون) ، في مدينة جند بالقرب من بيروسيك الحالية ، وبذلك أصبح السلاجقة يجاورون أملاك الساسانيين ، وأدي ذلك إلي تخليهم عن البوذية واعتناقهم الإسلام علي المذهب السني . وقد أثرت بداوة السلاجقة في تعصبهم الشديد للإسلام بعد اعتناقهم له علي المذهب السني ، وتحمسوا له حماسة حديث العهد بالدين ، مما أثر في تصرفات السلاجقة ، فجعلهم يحترمون أئمة الدين احتراماً شديداً ، ويميلون إلي التصوف ، فانتشر التصوف في عصرهم ، ونالت الطوائف الصوفية باحترام الناس والحكام . والواقع أنه لاعتناق السلاجقة الإسلام وتمسكهم بتعاليمه بالغ الأثر في اكتساب ود الساسانيين الذين كانوا يقيمون في بلاد ماوراء النهر ، ويدافعون بصلابة عن أراضيهم من غارات الترك القرخانيين ، فوقف السلاجقة إلي جانب الساسانيين ، كما أعانوهم في صد غارات الترك الوثنيين ، فأخذت قوتهم تتزايد ، في الوقد الذي أصبحوا يشنون هم الغارات علي الترك الوثنيين من حين لآخر ، ، الأمر الذي أكسبهم احترام الحكام المسلميين المجاورين لهم .
وبعد انهيار الدولة الساسانية في عام 389 هـ (999 م) تنازع القرخانيون والغزنويون عل أرضها ، فاستولي القرخانيون علي اقليم ما وراء النهر واستولي الغزنويون علي اقليم خرسان ، وهنا عمل السلاجقة علي الإستفادة من الفوضي الصاخبة التي صاحبت الوضع الجديد وليس النهائي ، فاستقروا في بلاد ما وراء النهر ، في الجزء الشمالي الشرقي من بخاري . ولما توفي سلجوق خلفه في زعامة السلاجقة ابنه الأكبر إسرائيل ، الذي دخل في خدمة ملك القرخانيين (علي تكن) في عام 1025 م ، وتحالف معه ضد السلطان محمود الغزنوي مؤسس الدولة الغزنوية ، فما كان إلا أن أتفق علي القضاء علي إسرائيل ، ولتحقيق ذلك لجأ لإستمالته بالحيلة والدهاء ، ثم ألقي القبض عليه وسجنه في أحد قلاعه بالهند ، حتي أدركته الوفاة 1030 م .
ولا شك أن هذا التصرف الأحمق قد أغضب دولة السلاجقة ، وجعلهم يعقدون العزم لأخذ الثأر لإسرائيل ، فاختاروا أخيه ميكائيل بن سلجوق لقيادتهم ، فما لبث إلا أن فكر وعقد النية للإنتقال بهم إلي خرسان ، وكان أن كتب السلاجقة للسلطان محمود الغزنوي يطلبون منه إذناً لعبور دياره والإقامة بين اقليم (نسا) و (بارود) فوافق محمود ظناً أن قتل محمود قد كسر شوكتهم . علي أنه لم يكد يستقر السلاجقة في خرسان ، حتي أخذوا يدعمون قواتهم ، وينتشرون في الأرجاء المجاورة لهم ، ويتحينون الفرص للقضاء علي الدولة الغزنوية ، واقتلاع جذورها من خرسان وبلاد ما وراء النهر .
لما توفي السلطان محمود الغزنوي 1031 م ، تولي السلطنة بعده ابنه مسعود الغزنوي ، رأي السلاجقة الوقت للقضاء علي الغزنويون ، فوحدوا قيادتهم في يد (طغرل بك) (1037 ــ 1063 ) الذي أنشأ قلعة خرمن قايا ، الذي أسرع إلي نيسابور حاضرة خرسان وتربع فوق عرش الغزنويون وبذلك أصبح هو مؤسس الدولة السلجوقية ، علي أن مسعود الغزنوي قرر الإنتقام لنفسه من طغرل بك ، فدارت بين السلاجقة والغزنويون معركة عنيفة عند دندانقان بالقرب من مدينة (مرو) عام 1037 م ، وانتهت بهزيمة الغزنويون أنزلت بهم أفدح كارثة قضت علي نفوذهم في فارس وما وراء النهر ، وصار للسلاجقة اقليم خرسان كله .
وفي العام التالي ارسل طغرل بك رسالة للخليفة العباسي (القائم بأمر الله) ، طالباً منه الإعتراف بدولة السلاجقة وشرعية حكمه فيها بالتبعية الإسمية له ، مع أن الخلافة العباسية كانت آنذاك في غاية الضعف والهزل ، إلا أن اعترافها بالشرعية يعطي الدولة السلجوقية صفة شرعية يرضي عنها الناس ، فقد اهتم الخليفة العباسي بطغرل بك ، واعترف بسلطنته .
واصل السلطان طغرل بك توسيع رقعة دولته ، فاستولي علي (خوارزم) عام 1042 م ، و (الري) و (قزوين) و (أبهر) و (زنجان) عام 1045 م وفي عام 1050 م حاصر طغرل بك مدينة (أصفهان) وسقطت في يده بعد صعوبات مهولة ، وفي الوقت نفسه استطاع السيطرة علي بلاد فارس والقضاء علي دولة البويهيين قضاءً تاماً ، وفي عام 1054 م توجه طغرل بك لاقليم أذربيجان ، واستطاع أن يبسط نفوذه علي جميع أنحاء الإقليم ، وفي عام (447 هـ ــ 1055 م) دخل بغداد بناءً علي دعوة الخليفة العباسي ليحل محل البويهيين الشيعة في الهيمنة علي العراق .
كانت الدولة البيزنطية الضحية الأولي لدولة السلاجقة . فبعد الإحياء الملحوظ الذي شهدته تلك الدولة في القرن العاشر الميلادي ، سارت أوضاعها السياسية في طرق التدهور والإنحطاط . فمنذ وفاة الإمبراطور باسيل الثاني سفاح البلغار (1025 م) ، انارت قواها الدفاعية ، وانتابتها أزمات اقتصادية منذ بداية النصف الأول من القرن الحادي عشر ، أدت إلي سيطرة التجار الطليان علي تجارة الإمبراطورية ، وجاء الخطر الداهم في اجتياح الأتراك السلاجقة لآسيا الصغري (تركيا) ، وذلك هو الأمر الذي حرم بيزنطة من مصدرها الرئيسي في الدخل من الضرائب .
والواقع أن الغزو السلجوقي لأراضي بيزنطة لم تشتد وطأته إلا منذ عه الإمبراطور قسطنطين التاسع مونوماخوس (1042 ـــ 1055 م) ففي سنة 1048 م اندفع (إبراهيم إينال) ـــ أخو طغرل بك من أمه ـــ في اغارات ناجحة علي الدولة البيزنطية ، وانتصر علي البيزنطيين في اقليم أيبريا (الأبخاز) و (طرابيزون) و (أضروم) القريبة من أعالي الفرات والتي أحرقها وسواها بالأرض وقتل جميع سكانها . وفي عام 1054 م قاد طغرل بك بنفسه السلاجقة إلي الأراضي البيزنطية ، فغزا (أرمينية) ، وحرق وقتل كل من صادفه من قري ومزارع وأناس فيما بين (بحيرة فان) و (أضروم) ، وفرض الحصار عل مانزكرت (ملازكرد) ، ولكن الجيوش البيزنطية لم تمكنه منها ، فانسحب إلي الري .
وهنا نلاحظ أن جميع الغارات التي وجهها السلاجقة إلي جميع أنحاء (أرمينية) ، لم تنجح لجعل مركز قوي يثبتون فيه . علي أن الموقف قد تغير عندما اشتدت غارات السلاجقة علي أراضي الدولة البيزنطية بين عامي (1075 ـــ 1081 م) ، فاجتاحوا (قبادويا) وفتحوا (ملطية) سنة 1075 م ، وفي عام 1059 م توغل السلاجقة فعلياً في جوف أملاك الدولة البيزنطية في شرقي آسيا الصغري ، حتي بلغوا سيواس ، فاقتحموها وأجروا بها مذبحة مريعة ، ثم بعد أشعلوا فيها النيران ، وعادوا منها محملين بالأسلاب والغنائم . ويمكن القول أن غارات السلاجقة حتي وفاة طغرل بك سنة 455 هـ (1063 م) استهدفت غالبا النهب والسلب ، دون أن يفتحوا ويستقروا في سلطنة في أملاك الدولة البيزنطية بل أصبحوا كالبدو الرحل يغيروا علي مكان ويجلسوا فيه حتي يغيروا علي آخر فلم تكون للدولة السلجوقية أي عمارة ولا تقدم بل كانوا يجلسون في أملاك غيرهم يغيروا علي كنائس ويحولها مساجد ولا يبنوا مساجد يغيروا علي قصور ولا يبنوا قصور ولم تنسب اليهم أي منطقة بل سميت باسم منطقة من أغاروا عليه وذلك في عهد السلطان طغرل بك .
ولما تولي (ألب أرسلان) الحكم بعد وفاة عمه طغرل بك ، ونهج السلاجقة نهجاً جديداً تجاه الإمبراطورية البيزنطية ، اذا استهدفوا الإستيلاء علي أراضي تلك الإمبراطورية وامتلاكها ، بدلا من القيام بغارات محدودة للسلب والنهب ، وفي عام 1065 م استولي ألب أرسلان علي (آني) حاضرة اقليم أرمينية وهي مدينة حصينة ذات موقع استراتيجي هام ، وباستيلاء السلاجقة علي هذه المدينة أصبحوا يسيطرون علي كل هضبة أرمينية التي كانت بمثابة الدرع الواقي لللإمبراطورية البيزنطية من الشرق لأهمية موقعها وصعوبة مسالكها ، وأصبح الطريق مفتوحاً أمام السلاجقة للتوغل داخل الأناضول . وحدث ذلك دون أن يحاول الإمبراطور البيزنطي قسطنطين دوكاس العاشر (1059 ــ 1067 م) التحرك لإنقاذ الإمبراطورية من الوضع الخطير الذي أصبحت فيه . و الواقع أن هذا الإمبراطور أثبت فشله في الحكم ، إذا كان أكثر همه هو تكنيز الأموال وحصدها وجمعها وبشؤونها ، وأهمل جميع إدارات الحكومة الأخري لكي يحاول تدعيم خزانة الإمبراطورية البيزنطية ثانية ، بعد أن استنفزت مواردها ، ولكي يقتصد في الأموال سرح معظم الجيش وأنقص مرتبات الباقين ، وكان هذا عملا جنونيا أدي إلي نقص كفاءة القوة المحاربة بصورة خاصة ، في الوقت الذي كان يهدد الإمبراطورية أفظع خطر حربي شوهد منذ أربعة قرون ، وهو خطر الأتراك السلاجقة .
عل أنه حدث في يناير 1067 م أن اعتلي عرش الإمبراطورية جندي نشيط وهو رومانوس ديوجينيس الرابع . فأعاد تنظيم الجيش وإن كان يتألف معظمه من المرتزقة النورمان والخزر والروس والفرنسيين واليونانيين والبلغاريين والصقالبة والترك . وبهذا الجيش الذي يفتقر روح التجانس والذي يتألف قوميات عرقية مختلفة وخرج رومانوس في عام 1071 م ليسترد أرمينية ويضع حد لتقدم السلاجقة . وعسكر بجيشه الذي مقداره مائتي ألف مقاتل في مانزكرت (ملاذكرد) شمالي بحيرة فان بالقرب من مدينة خلاط في الإنتظار للقاء خصمه السلطان ألب أرسلان . وأحس السلطان أنه أمام خطر داهم ، فأسرع بالهجوم علي مقدمة الجيش البيزنطي في سرعة خاطفة وشجاعة نادرة واستطاع أن يحرز نصراً ، ولكنه أدرك أنه من الصعب علي جيشه أن يواجه جيشاً ضخماً كجيش البيزنطيين ، ورأي أن الحكمة تقتضيه في طلب الصلح إلي أن يستعد الإستعداد المناسب لملاقاة خصمه في معركة حاسمة ، غي أن الإمبراطور رفض الصلح في كل غطرسة وكبرياء ، ورد عل ألب أرسلان بأن الصلح بينهما لن يتم الا في الري عاصمة السلاجقة . وعندئذ لم يري السلطان بداً من خوض المعركة ، فدعا جنده إلي الإستمادة في القتال دفاعاً عن الإسلام ، واختار يوم الجمعة وهو يوم الدعاء علي جميع المنابر لجيوش المسلمين موعدا للإشتباك مع جيوش البيزنطيين ، فصلي بجنده وبكي خشوعا وتأثرا وبكي الناس معه ، ثم امتطي فرسه ولبس البياض وتحنط استعدادا للموت ، وأعلن أنه إذاه هزم في المعركة فأعدوا له قبره ، والتقي في 20 ذي القعدة 463 هـ (19 أغسطس سنة 1071 م) في معركة عنيفة اشتدت فيها حماسة السلاجقة الأتراك ، وفيها استبسلوا واستماتوا في القتال ، ولم يستطع الجيش البيزنطي الوقوف أما الفرسان السلاجقة الذين انقضوا علي الجيش البيزنطي بحركاتهم السريعة والمفاجئة ، وقتلوا منهم جموعاً عظيمة ، ووقع الإمبراطور نفسه أسيراً في يد ألب أرسلان ، وهذا الأمر لم يحدث يوماً في تاريخ بيزنطة ، ومن العوامل التي ألحقت الهزيمة في الجيش البيزنطي ، أنه لما بدأت المعركة استجاب جيش المرتزقة الأتراك في الجيش البيزنطي لرابطة الدم والعصبية التي تربطهم بجيش الترك السلاجقة . ومن أسباب الهزيمة أيضاً انسحاب أحد فرسان النورمان دون أن يمد يد المساعدة للإمبراطور ؛ كما أن القائد أندرونيقوس دوكاس وهو أحد الطامعين في العرش البيزنطي ، الذي وضع مصالحه الخاصة فوق مصالح بيزنطة فانسحب بقواته للقسطنطينية ، مما أدي إلي حدوث اضطراب في الجيش البيزنطي كله .
ولا جدال أن موقع ملاذكرد كان هزة عنيفة أصاب كيان بيزنطة إصابة لم تستطع النهوض بعدها ، وكان من الممكن أن تؤدي إلي أسوأ مما أدت إليه لو أن ألب أرسلان اكتفي منها بانتصاره الساحق ، ولم يتابع ما أمكنته الظروف من امعان السيطرة التامة علي الإمبراطورية أو علي الأقل اضعافها أكثر مما حدث . وعلي أية حال ، فإن المعركة جاءت دليلاً علي ضعف الإمبراطورية ونهاية دورها في الدفاع عن المسيحية ضد الإسلام ، بل إنها ساعدت عل القضاء علي الإمبراطورية نفسها علي يد الأترك العثمانيين في عام 1453 م .
بعد كارثة ملاذ كرد المروعة ، واصل الأتراك السلاجقة تقدمهم علي البيزنطيين بعد أن انفتح الطريق أمامهم في آسيا الصغري ، واجتاحوا معظمها ، وأصبح من العسير علي بيزنطة الإستعداد للإسترداد الأقاليم التي فقدتها هناك ، الأمر الذي أدي إلي فقدان بيزنطة مركزا حربيا ممتازا ، ومصدرا هاما للحنطة والغلال ، ولتزويدها بالجند والعسكر ، واستلزم الحال زيادة الإعتماد يوما بعد يوم الإعتماد علي الجند والعسكر المرتزقة الأجانب ، وقد حدث ذلك دون تلقي الجند السلجوقية مقاومة تقريبا ، إذا لم يعد ثمة إمبراطور يحل محل الإمبراطور رومانوس الرابع ، في الوقت الذي كانت السنوات العشر التالية في داخل الإمبراطورية فترة فوضي وكوارث ، ولم يستخدم في خلالها حطام الجيش البيزنطي في خلالها لمقاومة السلاجقة وايقاف توغلهم غربا ، بل ساعتدت تلك السنون في القيام بحرب أهلية ، يضاف إلي ذلك زيادة النزاع بين الطبقة الأرسطقراطية وطبقة الحكام العسكريين ، في الولايات بصفة خاصة في آسيا الصغري ، وما وقع من ثورات ومكائد وفتن لا تنتهي ، قد أصاب الحياة السياسية البيزنطية بالشلل التام ، ودمر القوات البيزنطية في آسيا الصغري ، وجعل بيزنطة تستعين بالترك كقوات مرتزقة ، وكل ذلك هيأ للأتراك فرصة التوغل في آسيا الصغري .
ومما يجدر أن الإمبراطورية البيزنطية بعد أربعة قرون من الغزوات والفتوحات العربية الإسلامية في الشام ومصر أضعف قوتها ومكنها من آسيا الصغري ، وجعلها تتخذ استراتيجية فعالة للدفاع عن حدودها ، وكانت قادرة علي الدفاع ومقاومة الغزوات في داخل أراضيها ، وتلك الغزوات التي كانت تتكرر في الصيف والشتاء . ولكن الغزو التركي قدم لنا صورة مختلفة تماما ، فالغزوات العربية الإسلامية كانت تقوم في المراكز العربية الإسلامية وتلك هي المناطق المتبعثرة في مدن شمال الشام كدمشق وحلب ومرج دابق ورج راهط وبغداد في العراقين وعرفت بالعراقين لأنها كانت تضم عراق العرب وعراق العجم أو الفرس ، وقامت بها جماعة من الفرسان كانت مستعدة للإنسحاب بعد كل حملة موسمية ، علي حين ان الأتراك السلاجقة جاءوا للإستقرار ، وكل مدينة يتأهبوا لفتحها كانوا يحضرون صحبة جيوشهم وعائلاتهم وقبائلهم ومواشيهم، بحثا عن مراعي جديدة .
وقد أبرز لنا المؤرخ كلود كامن الإنجليزي الجنسية المراحل الرئيسية للغزو السلجوقي في الأناضول ، فيري أن هزيمة مانزكرت كانت أوضح حلقة في عملية التسلسل التي قام بها السلاجقة في آسيا الصغري . فقبل سنة 1071 م كانت القبائل التركمانية تتحرك غربا قادمة من فارس ، وكان الأتراك يجري تجنيدهم من خلال زعمائهم كقوات مرتزقة في الجيوش المسيحية (البيزنطيين) والإسلامية (السلاجقة الأتراك) وفيما بين سنتي 1071 و1087 م انهارت مقاومة البيزنطيين ، وقامت امارات تركمانية صغيرة تحكم فيها زعماء كل قبيلة في أنحاء كثيرة من الأناضول والشام ، وضعفت هذه الإمارات بسبب الحروب التي نشبت بينهم ، وأخيرا توحد الأتراك في آسيا الصغري في دولة سلجوقية قوية عاصمتها قونية ثم أصفهان ثم طشقند ثم قونية للمرة الأخيرة.
وبزوال النفوذ البيزنطي من الأناضول ، كان علي المجتمع المسيحي أن يكيف نفسه مع الأتراك السلاجقة المسلمين وحضارتهم المسلمة ، وقد تسببت تغير الظروف المناخية في العالم الإسلامي في هجرة مستمرة قام بها العلماء والدراويش للإستقرار في الأناضول . وإذ كان الغزو التركي للأناضول كارثة لبيزنطة لم تفق منها ، فيمكن القول أن تلك الكارثة قد أصابت الكنيسة اليونانية ، فقد فقدت الكنيسة الكثير من رعايها الذين أسلموا ، وشاهدت تلك الكنيسة تقلص ايراداتها وأسقفيتها ، واختفت المراكز الديرية العظيمة ، وصارت الكنيسة فقيرة لحد كبير ، بعد أن فقدت معظم ايراداتها وأملاكها علي يد الأتراك السلاجقة .
ومهما يكم من أمر ، فقد ركز الغزاه الأتراك السلاجقة جهودهم في آسيا الصغري ، وثبتوا فتوحاتهم ، ثم بعد ذلك طردوا النفوذ الإغريقي من المدن الساحلية ، وفي نفس الوقت تزايدت أعداد وهجرات الأتراك إلي آسيا الصغري ، وتجولوا في أنحائها حتي استقروا علي الحدود ، وقد زاد عدد هجرات العرب والفرس والأتراك القادمين من الشرق الأقصي والأوسط ، مما أدي إلي تصاعد التيار الإسلامي واعتناق الكثير للإسلام . والحقيقة أنه بعد فقد الإمبراطورية أقاليمها الغنية في آسيا الصغري ، هبطت قوتها لدرجة متدنية جدا ، وانتزع الأتراك السلاجقة المنابع الرئيسية لقوتها ، وفي عهد الإمبراطور نقفور الثالث (1087 ـــ 1081 م) حرمت القسطنطينية من الولايات التي تدر لها الضرائب الكثيرة .
ومن المعروف أن السلاجقة كانوا رعاه في عاداتهم وتنظيماتهم مثل القبائل الرتكمانية في آسيا الصغري ، ولكن البناء الإجتماعي من الوافدين الجدد من أتراك آسيا الصغري ، تميزت باستقرار جماعات ضخمة منهم في شتي أنحاء آسيا الصغري ، ومنذ وقت بعيد كان سكان المناطق الزراعية في الأناضول جيران لرعاة آسيا الصغري ، وكانت القري الزراعية تقع عند سفوح الجبال أو الأراضي وافرة الخصوبة والوديان النهرية الخصبة ، وقد أتاحت الظروف السكانية الخاصة بآسيا الصغري لأعداد ضخمة من الترك التسلل اليها منذ عقود عديدة ، وأحضروا معهم عنف ونشاط البدو ، فضلا عن رغبتهم في الخضوع للنظام . وبالتدريخ خضع الأتراك للزراعة ، وعاشوا في قري جنبا إلي جنب مع السكان الأصليين ، وحدث اندماج بين الفريقين ، وشيئا فشيئا أصبحت المدن خاضعة للإسلام ، وبذلك اختفت اللغة والثقافة اليونانية من داخل آسيا الصغري ، وتحولت بلادها إلي العقيدة والحضارة الإسلامية .
وقد أشار الجغرافي الشريف الإدريسي بأن آسيا الصغري في عام 1117 م كانت لا تزال تستخدم الأسماء الجديدة ، علي حين أن الرحالة ابن بطوطة عبر بلاد آسيا الصغري سنة 13330 م يري أن تلك البلاد بما فيها من مدن وقري تحمل أسماء تركية ، وهذا الأمر تعطينا فكرة عن سرعة التطور الذي حدث ، وتعني بذلك فكرة ((التتريك الفعال)) لآسيا الصغري ودخولها في الإسلام . ويذكر المؤرخون أنه بمجرد خضوع الأرض للأتراك السلاجقة أو العثمانيين ، سرعان ما تستقر بها الأمور ، ولذلك شهدت آسيا الصغري هدؤا في عهد السلاجقة الأتراك الذين غلب عليهم التسامح الديني ، ولم يعرفوا الإضطهاد الديني وأمنوا للأهالي الحرية الدينية ، ويعني ذلك أن الأهالي اعتنقوا العقيدة الجديدة المتمثلة في الإسلام .
بلغت الدولة السلجوقية أوج قوها وعزتها في عهد السلطان ملكشاه (1072 ـــ 1092 م) الذي خلف أباه ألب أرسلان ، وصارت تمتد من حدود بحيرة خوارزم شمالا إلي اليمن جنوبا ، ومن حدود الصين شرقا حتي البحر المتوسط غربا . ومن الخطأ اعتقادنا أنه التوسع الرهيب في دولة السلاجقة غربا في عهد السلطان ملكشاه كان من ثمرة جهوده الشخصية ، بل الحقيقة أن هذا السلطان لم تطأ قدماه خارج حدود الأناضول ، بل قام بمواصلة الحرب أحد أقارب السلطان ملكشاه وهو سليمان بن قتلمش الذي تمكن من بسط نفوذه علي ثلاثة أرباع آسيا الصغري تقريبا . وقد اختار سليمان بن قتلمش مدينة نيقية لتكون عاصمة له حتي حلت محلها قونية (1082 ــ 1302 م) .
علي أن دولة السلاجقة سرعان ما أخذت تتداعي بعد موت ملكشاه 1092 م ، وترتب علي وفاته نشوب النزاع بين أبنائه ، ثم بينهم وبين أعمامهم ، فأدي ذلك إلي تفتيت الدولة لدويلات صغيرة ، وانتشار الفوضي وفساد الإدارة وسوء حال النظام واغتصاب الحكم ، وحاول كل أمير سلجوقي أن يضم حلفاء له ويمنحهم الأموال والإقطاعات ، وهذا الأمر الذي أدي إلي اضعاف نفوذه وقوته .
ولعل أكبر مظهر لإنحلال نفوذ السلاجقة الأتراك منذ بداية القرن الثاني عشر الميلادي أنهم انقسموا إلي خمسة بيوت وهي :
1) بيت طغرل بك ، وتسمي دولته بيت السلاجقة الكبري ، وقد امتلكوا فارس وخرسان والأهواز والعراق والجزيرة ، واستمرت دولتهم من سنة 1038 م إلي 1128 م عندما سقطت في أيدي الخوارزمية 0
2) بيت سلاجقة كرمان ، وهم عشيرة قاروت بك بن داوود بن ميكائيل بن سلجوق ، وهو أخو ألب أرسلان ، واستمرت دولتهم من سنة 1041 م حتي سقطت علي أيدي الغز التركمان سنة 1183 م .
3) سلاجقة عراق العجم وكردستان ، وقد استمرت دولتهم من سنة 1117 م حتي سقطت في أيدي الخوارزمية في عام 1194 م .
4) سلاجقة الشام ، وهم بيت تتش بن ألب أرسلان ، وقد قامت من سنة 1094 م حتي سنة 1117 م .
5) سلاجقة الروم بآسيا الصغري ، وكانوا من بيت قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق ، وقد بدأت دولتهم من سنة 1077 م ، ولم تسقط إلا علي أيدي الأتراك العثمانيين سنة 1301 م وبذلك كانت أطول دول السلاجقة عمرا .
وبعد وفاة ملكشاه ، كان سلطان السلاجقة في آسيا الصغري قلج أرسلان بن سليمان ، علي ان نفوذه امتد من الطريق الممتد من نيقية إلي قونية ، وعلي الممرات الواقعة بشمال سلسة جبال طوروس ، فإنه لم يسيطر علي كل آسيا الصغري ، ففي أرمينية اسقرت جماعة من التركمان ، وفي أرزنجان استقرت جماعة أخري ، وفي أقصي الغرب خضعت سيواس وأماسيا وقيصرية وأنقرة لرجل من زعماء التركمان ، اتخذ لقب دانشمند وهذا يدل أنه كان للأمر نفوذ روحي . وعلي هذا النحو قامت بآسيا الصغري قوة من التركمان ، وبدأت علي الإغارة علي أجزاء آسيا الصغري ، تقابل قوة أمراء السلاجقة التي ترتكن علي العناصر التركية في داخل البلاد .
ويمثل القرن الثالث عشر حقبة تاريخية هامة في تاريخ الشرق الأدني ، وخاصة في آسيا ، إذا شهد أفول نجم دولة سلاجقة الروم وتفسخ سلطنتهم ، وتوغل المغول في أملاكها .
وقد ظل المغول حتي القرن الثاني عشر بمنأي عن أحداث التاريخ العام باعتبارهم قوما رحل أملت الظروف القاسية أن يعيشوا عيشة رعوية ، وأن ينتقلوا في هضبة منغوليا الواسعة من مكان إلي آخر ، سعيا وراء العشب والماء والكلأ ، وما حانت نهاية هذا القرن حتي أصبح هذا القوم شعبا مقاتلا من نوع فريد يفتقر إلي القائد الذي يستطيع أن يقوده ، فكان هذا القائد هو (تيموجين) الذي تسمي بــ (جنكيزخان) (ت 1227 م) ، وقدر له أن يضع أساس أكبر امبراطورية عرفتها تاريخ البشرية .
ثم كان أن بدأ جنكيز خان يوجه أنظاره إلي المناطق الخارجة عن نطاق المغول ، وذلك بالتوسع في الجنوب علي حساب الصين . وفي ربيع عام 1214 م هاجم جنكيز خان امبراطورية الصين من عدة نقاط ، والتحم مع الصينيين في معركة حاسمة سقطت إثرها مدينة بكين عاصمة كين الصينية 1215 م . ولا شك أن سقوط عاصمة الصين في أيدي المغول أحدث دويا هائلا ، جاء انذارا للدول الإسلامية المجاورة ، في وقت كانت تعاني من الضعف والتخاذل والإنقسام .
كان الغزو المغولي للعالم الإسلامي سريعا عنيفا شديد الوطأة ، فقد ضرب المغول الأقاليم الإسلامية ، وسالت الدماء علي طول الطريق الذي سارت جحافلهم إليها ، وذلك بسبب اختراع أو اكتشاف المغول نوع من أنواع الأتربة التي تحترق وهو مسحوق البارود واستخدامهم له عن طريق المدافع وهذا لم يكن يعرفه المسلمين قط ، وقاسي المسلمين بسببه شتي أنواع التعذيب والتنكيل ، وتجمع المخطوطات والمعلومات والروايات علي أن غزو المغول للدول كان مصحوبا بمجازر بشرية ، وتركت أبشع الآثار في النفوس . ومن المؤرخين المعاصرين لما قاساه العالم الإسلامي وتحسر علي ما أصاب الإسلام وكبار مدنه علي يد المغول وهو المؤرخ (إبن الأثير) ، فقد قال في حوادث (617 هـ ـــ 1220 م) ، تحت كتاب عنوانه (ذكر خروج التتر المغول إلي بلاد المسلمين) وقال فيه :
"لقد بقيت عدة سنين معضا عن ذكر هذه الحادثة ، استعظاما لها ، وكارها لذكراها ، فأنا أقدم قدما وأؤخر اثنتان ، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين ، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك ، فياليت أمي لم تلدني ، وياليتني مت قبل ذلك وكنت نسيا منسيا ، إلا أن حثني جماعة من الأصدقاء علي تسطيرها في الأوراق وأنا متوقف ، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعا ، فنقول هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمي والمصيبة الكبري التي عفت الليالي عن ذكرها فقد عمت الخلائق وخصت المسلمين ، فلو قلنا أن العالم من خلق الله سبحانه وتعالي ومنذ آدم إلي الآن لم يبتلوا بمثلها لكنت صادقا ، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها وما لا يدانيها ، وهؤلاء المغول لم يبقوا علي أحد ، بل قتلوا الرجال والنساء والأطفال ، وشقوا بطون الحوامل ، وقتلوا الأجنة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، لهذه الحادثة التي استطار شررها وعم ضررها وسارت في البلاد كالسحاب الذي استدبرته الريح ".
وبهذه الصورة المفزعة زحفت جيوش المغول علي الجانب الشرقي من العالم الإسلامي ، في وقت وصل فيه هذا العالم كما ذكرنا إلي إلي درجة بالغة من التفكك والضعف وزيادة الإنحلال ، جعلته يعجز عن صد السيل المغولي الجارف تحت قيادة جنكيزخان . وكان أن اختص جنكيزخان نفسه بقيادة الجيوش ما بين نهري سيحون وجيحون ، علي حين أن عهد لأباؤه مهمة الإستيلاء علي أقاليم الخوارزمية ، وكان جنكيز خان مثلا لوحشية الغزو البربري ، ويبدو ذلك واضحا عندما استولي علي مدينة بخاري في فبراير 1220 م ، وسمرقند في مارس من نفس العام ، وأثبت (تولوي) ولد جنكيزخان أنه لا يقل وحشية عن أبيه ، فقد أجهز علي سكان مدينة خرسان عندما سقطت المدينة في يده في فبراير 1221 م ، ثم انطلق تولوي إلي مرو حاضرة خرسان ، فسقطت في يده في ابريل من نفس العام ، وبعد تدميرها تلقي أمرا من أبيه جنكيزخان الذي قرر العودة إليي منغوليا ، ليلحق به عند مدينة الطالقان في أعالي نهر جيحون .
وأخيرا وصل جنكيزخان إلي عاصمته (قراقورم) في سنة 1225 م ، بعد غياب دام ست سنوات ، وشرع في مقابلة اعدائه القدامي من زعماء القبائل التركمانية والمغولية ، كما أعلن الحرب علي امبراطورية سونج الصينية ، واشترك في هذه الحرب بنفسه رغم تقدم به السن ، ولكنه مات في 25 أغسطس 1227 عن اثنين وسبعين عاما ، تاركا خلفه امبراطورية واسعة ، تمتد من أقاصي الصين وشاطئ المحيط الهادي شرقا ، إلي قلب أوروبا وإلي عواصم المسلمين غربا .
ومما يذكر بأن حركة الفتوحات المغولية توقفت قليلا عقب وفاة جنكيزخان ، وانشغل المغول عن كل شئ بأحوالهم الداخلية . وباعتلاء (أوكتاي) عرش الإمبراطورية المغولية سنة 1229 م ، وتوسعت الإمبراطورية المغولية بشكل لافت علي حساب الممتلكات الإسلامية والمسيحية .
ويهمنا هنا أن المغول استغلوا فكرة النزاع الدائر بين سلاجقة الروم في آسيا الصغري من جهة وبين المماليك حكام مصر من جهة أخري . فسار القائد المغولي بيجو عام 1242 م علي رأس جيش بلغ 300.000 مقاتل ، محملين بالآت القتال من سلاج ومدافع ، قاصدين (أرضروم) ، حيث التحمت بقوات (غياث الدين كيخسرو بن علاء الدين بن كيقباد) سلطان سلاجقة الروم ، فلم يقوي علي الصمو أمام المغول ، وسقطت المدينة في أيديهم . وفي السنة التالية استعد غياث الدين للقاء المغول ، فكون جيشا من المسلمين والأرمن والكرخ والفرنج واليونانيين ، وساروا عن طريق البر ، كما سار معظمهم عن طريق البحر ، متجهين لأرمينية لقتال المغول ، فالتقي الفريقين بموقعة اسمه (كوسه طاغ) أو (الجبل الأقرع) بالقرب من أرزنجان، حيث دارت معركة عنيفة في 26 يونيو 1245 م ، أسفرت عن انتصار المغول ، ودحر هذا الجيش الغير متجانس ، وهرب غياث الدين إلي الحدود البيزنطية ، ثم استولي المغول علي قيصرية وسيواس وخربوهما ، وفرضوا علي كلا منهما في السنة أربعمائة ألف دينار .
والواقع أنه كان أثر حاسم في مصير الدولة السلجوقية ، إذ وقع الأناضول بعدها في قبضة المغول ، وعندما رأي السلطان غياث الدين أنه لن يقوي علي مواجهة المغول ، أرسل لهم رسولا يعلن خضوعه ، ويتعهد بدفع جزية سنوية لخاقان المغول ، وبهذا قضي علي استقلال دولة سلاجقة الروم ، وصارت تابعة للمغول ، وكان أمراء السلاجقة يتولون الحكم بمراسيم من قبل المغول .
وعلي الرغم من أن دولة سلاجقة الروم بقيت باقية حتي سنة 1302 م ، فإنها لم تفق علي الإطلاق من الضربة الشديدة التي وجهها لهم المغول في كوسه طاغ ، كما أن الغزو المغولي لم يحدث أي تغييرات عميقة في الأناضول ، وكل ما فعله هو أنه سبب العديد من الهجرات من أتراك آسيا الوسطي إلي الأناضول فرارا من المغول أو سيرا بعدهم ، ولم يحدث إلا تغييرا طفيفا في الحياة الإجتماعية أو الثقافية .
وقد أدي ضعف سلاجقة الروم إلي نقل السلطة إلي أطرافها ، حيث أخذت إمارات تركية صغيرة تعمل علي الإستقلال عن سلطة السلاجقة ، وتعني بذلك مهاجمتها لمناطق الثغور البيزنطية ، وعجز السلاجقة عن الحيلولة لمهاجمتها لتلك المناطق . ولعب المجاهدون الغزاة دورا جديدا في شن هذه الهجمات الجديدة ، وفي نفس الوقت الذي كان فيه الأولياء والدراويش والمشايخ يقومون بدورهم في التحريض للجهاد ضد الدولة البيزنطية التي كانت قد وصلت إلي مرحلة بالغة في الضعف . وما أن حلت أوائل القرن الرابع عشر الميلادي ، حتي كانت دولة سلاجقة الروم قد فقدت معظم غربي الأناضول الذي قد توزع علي عدة إمارات من غزاة الترك ، الذين أصبحت إحداها وهي الدولة العثمانية أن تصبح أكبر امبراطورية وخلافة عالمية .
ينحدر الأتراك العثمانيين من حشود البدو الذين تجولوا في مناطق جبال الألطاي ، شرق الإستبس لأوراسية وجنوب نهر ينسي وبحيرة بايكال ، وذلك في الأراضي التي تمثل منغوليا الخارجية . وهؤلاء البدو الألطائيون كانت لهم حضارة بدائية قائمة علي الحياة الجبلية والعادات ، دون أن يكون هناك شكل للحكومة والقوانين التي تميز المجتمعات المتقدمة ، وقامت حياة هؤلاء البدو واعتنقوا الشامانية .
وفي القرن الثاني قبل الميلاد ، أدت التغيرات السياسية والحربية والأحوال المناخية في المناطق الألطائية ، إلي حدوث غارات بدوية ضد الحضارات المستقرة الواقعة علي حدود الإستبس ، وقد عرفت القبائل التي تحركت إلي الجنوب والغرب وشرق أوروبا ، والشرق الأوسط ، وآسيا الوسطي ، باسم الأوغوز فيما بينهم ، وعرفوا بالتركمان أو الترك عند الشعوب التي تعرضت لهجماتهم . وقد اجتاح الترك بحثا عن مأوي لهم ولقطعان ماشيتهم عند الشعوب المستقرة ودمروا المدن والحقول ، وعندما استقر الترك سمحوا للشعوب المستقرة التي بقيت حية بأن تستعيد أوطانها وأنشطتها السابقة ، ولهذا فإن الغزوات التي قام بها الترك ، لم تترك أي تغييرات دائمة في الأنماط العرقية والإقتصادية .
ويحيط الغموض بأصل العثمانيين ، وهي مشكلة شغلت أذهان الباحثين عامة وأنا خاصة ، وذلك لغياب المصادر المعاصرة والمصادر المختلفة عن أحداثهم . فلم تكن للعثمانيين سجلات مكتوبة عن الفترة السابقة وحتي فتح القسطنطينية عام 1453 م ، علي حين أن البيزنطيين لا يشيرون بما يستحق الذكر عن أصل العثمانيين ، خاصة وأنهم لم تتوفر لهم وسائل للحصول علي معلومات لها قيمة . أما الكتاب الأوروبيين فليست لمعلوماتهم أية قيمة من حيث اعتبارها انعكاسا لفكرة أوروبا عن العثمانيين حين أصبحوا خطرا يتهددها ، هذا إلي أن المصادر العثمانية التقليدية لم تشر للعثمانيين إلا قليلا قبل استقرارهم في الأناضول ، كما أنها تتجاهل تاريخ الترك قبل اعتناقهم الإسلام .
ومن آراء المؤرخين التقليدية عن أصل العثمانيين ، أن زعيم قبيلة (قايي) وهي قبيلة نركمانية حكمت منطقة ماهان الصغيرة في الجزء الشمالي الغربي من (إيران) وفي أواخر القرن الثاني عشر الميلادي . ويقا إن (سليمان شاه) زعيم تلك القبيلة هرب من الزحف المغولي بقيادة جنكيزخان ، ومعه آلاف من الأتراك الآخرين ، حتي لا يواجه الموت أو العبودية من قبل الغزاة الجدد القادمين من آسيا الوسطي ، واستقر في إقليم (أخلاط) الواقع في شرقي تركيا الآن قريبا من بحيرة وان في هضبة أرمينية . ولكن إقامته لم تدم طويلا ، فقد أراد سليمان شاه العودة إلي بلاده ، فسار إلي قلعة (جعبر) ، وأثناء عبوره مع عشيرته نهر الفرات سقط في النهر وعرق عام (629 هــ ـــ 1231 م) قبل أن يبلغ غايته . وعندئذ انقسم قومه بين أبناؤه الأربعة ، فقاد اثنان منهم عشيرتهم عائدين إلي خرسان للدخول في خدمة المغول ، بينما تابع الأخوان الباقيان المسير في غربي الأناضول ، وتولي أرطغرل زعامة هذا الجزء من القبيلة ، ويعني اسم أرطغرل في اللغة التركية (الرجل ذو القلب الأمين) .
وتقول الرواية التاريخية أن أرطغرل أبو عثمان الذي نسبت إليه الدولة العثمانية قاد جماعة صغيرة مكونة من أربعمائة فارس وعائلاتهم ،وفي أثناء سير أرطغرل (1231 ــ 1281 م) وعلي غير المتوقع ، شاهد معركة دائرة بين فريقين لا يعرفهما ، وكان أحد الفريقين قد ضغط علي الآخر بضراوة ، فحث عثمان أتباعة علي مساعدة الفريق الخاسر ، وتم النصر لهذا الفريق . وتبين فيما بعد أن الجيش الذي قد تم انقاذه من الهزيمة المؤكدة كان جيش بقيادة علاء الدين كيقباد (1219 ــ 1237 م) سلطان دولة سلاجقة الروم ، فما كان من السلطان إلا أن أقطع عثمان وقبيلته قطعة أرض علي الحدود البيزنطية ، في أقصي الحافة الشمالية الشرقية من دولة السلاجقة ، علي بعد أقل من خمسين ميلا من بحر مرمرة ، وأقل مائة ميل من القسطنطينية نفسها . وعلي الرغم من أن تلك الرواية تحمل طابع الأسطورة ، إلا أنها لم تكن دون فائدة ، إذا أنها توضح لنا المدي من الفوضي والظروف السياسية والإجتماعية الصعبة التي قد كانت تعانيها آسيا الصغري في القرن الثالث عشر ، وكيف أن القبائل الركية الرعوية تشق طريقها وتؤسس نفسها في آسيا الصغري ؟ ، وهذا الأمر الذي يجعلنا نؤكد تماما أن السلطان السلجوقي رحب بأرطغرل وبقية الزعماء الأتراك الآخرين كحلفاء له في المقاومة ضد البيزنطيين في الغرب والمغول في الشرق .
ومن الروايات الأسطورية التي وضعها المؤرخون لتعليل أصل العثمانيين وظهورهم واعتناقهم الإسلام ، زواج عثمان بن أرطغرل ببنت رجل صالح كان قد قابلها مصادفة وعلق به ، ولكن أبي والدها أن يزوجها له ، فحزن عثمان لذلك ، وأظهر الصبر والجلد ، ولم يرغب في الإقتران بغيرها ، حتي قبل أبوها بعد أن قص عليه مناما رآه ذات ليلة في بيت هذا الصالح ، وأنه رأي القمر قد صعد من صدر هذا الشيخ ، وبعد أن صار بدرا نزل في صدره (صدر عثمان) ، ثم خرجت من صلبه شجرة نمت في الحال ، حتي غطت الأكوان بظلها ، ورأي أكبر الجبال تحتها ، وينبع النيل ودجلة والفرات والدانوب وسيحان وجيحان من جذعها ، ورأي ورق الشجرة كالسيوف يحولها الريح نحو القسطنطينية ، فتفائل الشيخ من هذا المنام وأخبره أن أبناؤه سيحكمون العالم ، وزوجه ابنته .
وعلي أي حال ، فإن الأحداث التاريخية تثبت بأن جزءا صغيرا من أتراك الغزنويون المعروفين بقايي والذين وفدوا علي الأناضول أيام الفتوحات السلجوقية ،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالدالدسوقى2009
الادارة
الادارة
خالدالدسوقى2009


عدد المساهمات : 405
تاريخ التسجيل : 21/06/2009
العمر : 31

الجزء الأول من كتاب النهاية بالإملاق في تاريخ بلاد الأتراك بعنوان (ظهور الأتراك العثمانيين وقيام دولتهم) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجزء الأول من كتاب النهاية بالإملاق في تاريخ بلاد الأتراك بعنوان (ظهور الأتراك العثمانيين وقيام دولتهم)   الجزء الأول من كتاب النهاية بالإملاق في تاريخ بلاد الأتراك بعنوان (ظهور الأتراك العثمانيين وقيام دولتهم) Emptyالأحد مارس 07, 2010 5:58 am

روووووووووووووعه وفى انتظار الجزء التانى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamshown.yoo7.com
HardRock
مشرف الاغانى
مشرف الاغانى
HardRock


عدد المساهمات : 55
تاريخ التسجيل : 30/06/2009

الجزء الأول من كتاب النهاية بالإملاق في تاريخ بلاد الأتراك بعنوان (ظهور الأتراك العثمانيين وقيام دولتهم) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجزء الأول من كتاب النهاية بالإملاق في تاريخ بلاد الأتراك بعنوان (ظهور الأتراك العثمانيين وقيام دولتهم)   الجزء الأول من كتاب النهاية بالإملاق في تاريخ بلاد الأتراك بعنوان (ظهور الأتراك العثمانيين وقيام دولتهم) Emptyالأحد مارس 07, 2010 7:47 am

مشكور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجزء الأول من كتاب النهاية بالإملاق في تاريخ بلاد الأتراك بعنوان (ظهور الأتراك العثمانيين وقيام دولتهم)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة الزير سالم الجزء الأول
» الجزء السادس من كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق للشريف الإدريسي في ذكر وصف مصر والشام والعراقين والبلاد العربية
» قصة الزير سالم الجزء الرابع
» تاريخ مصر
» تاريخ المغرب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
quran2day :: كتب :: كتب :: تاريخ-
انتقل الى: